فإن الله عز وجل يثّبت أولياؤه بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فترى المؤمن على حالة واحدة من الصدق في أقواله وأفعاله وأحواله لا يكذب إذا حدث ولا يخلف إذا وعد ولا يفجر إذا خاصم، لا يظهر تواضعاً وفي قلبه كبر ولا يتصنع بالتقوى ونفسه فاجرة، ولا يراقب الناس فإذا خلا بنفسه عصى ربه، ومن أسباب الثبات لزوم الطاعة واجتناب المعصية ومصاحبة الصالحين وهجر العصاة، والتزود بالنوافل من صلاة وصيام وقيام وذكر مع تدبر القرآن والتفكر في خلق الله وقصر الأمل وإخلاص العمل وصحة التوكل فيا مسلماً عرف ربه وأحبَّ رسوله وقرأ كتابه ألزم الطريق الذي سار عليه السلف واحذر من مضلات الفتن ودواعي الشهوات وأسباب الشبهات فإن القلب يتقلب ومن زاغ أزاغ الله قلبه، فجاهد أخي نفسك الأمّارة بالسوء فإن الأيام قصيرة وقد اقترب الرحيل ودنا الموت وحانت الوفاة وليس لك والله هنا قرار وإنما القرار هناك إما في جنة أو نار.
فقف مع نفسك وقفة صادقة وحاسبها على اللفظة واللحظة فإنك إن تركتها أوردتك موارد الهلاك فخسرت الدنيا والآخرة، فهيّا تهيأ للسفر الطويل بزاد من التقوى، وحافظ على تكبيرة الإحرام مع الجماعة والزم مصحفك كل يوم ساعة، وكن من أهل الطاعة، وتصور انتهاء العالم وقيام الساعة، وابك على ما سلف منك وتأسف على ما قدمت من ذنوب وانقش على لوح قلبك قوله صلى الله عليه وسلم: "كف عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك"، واطلب العلم النافع الموروث عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم، عسى الله أن يحشرك في زمرة الأنبياء وأن يجمعك بالعلماء ويصطفيك مع الأولياء، ثبتنا الله وإياكم وغفر لنا ولكم وجمعنا بكم في جنته مع صفوته من خلقه في جنات ونهر في معقد صدق عند مليك مقتدر.